يقــولون....!
قالــوا بأنّ أوراق الشّجر لا تسقط إلّا خريفا....و كلّ منها تقول أختي أختي..!
بأنّ الشمس لا تحرق و تلــهب إلّا في الصّيف......و هي تستجدي العــابرين طريق الحتف أن يلتفتوا وراءهم…!
أخبروني أيضا بأنّ الشّتاء ، الشتاء وحده من يمارس اللسع دون غيره من الفصول
أمّـــا الرّبيع فلم يحدّثوني عنه....
هم يعلمــون جيّدا أنّي لستـ بذاك الحظّ الذي يؤهّلني للقياه....أو تخيــل ملامحه حتّى...!
هم ـ من قالوا و لا يزالون ـ يعلمون جيّدا أنّ قلبي الصّغير يحتضن و بقوّة كلّ تلك الفصول الثلاثة رغماً عنه و عنّي....بسببـ حضرة المتّهم (حبـ )
ذاك الذي جعل منّي خريفا و ألهب قلبي و قبل أن يرحل لسعني و كأنّي به يريد أن يتركَ أثرا لا ينسى على مرّ الهموم...
لا تدري أيّها ( الحب) أنّك أصعبـ الأشياء نسيانا....على الإطلاق…!
و إن نسيناك يوما فهذا لا يعني سوى أنّ أحدهم قد أهــال علينا التّراب و رحل أبد الآبديــن…دون وداعٍ أخير!
و بالرّغم من كلّ الأرق الذي يطوّق ليلك و يأبى طلاق جفنك ....
و بالرّغم من أنّ لا خيط أبيض يهتك السوّاد في قاموس غمّك...
فإنّك تأبى إلّا أن تسطّر كلّ يوم حرفا بمداد خلط بعضا من ذاكرة بكثير من زفرات (مقيتة)
و ترميه بعيدا بعين مغمضة و أخرى مبحرة في عالم هلامي …فأنت لست ممّن يتحرّى الأنسب في كلّ شيء…!
تطوّح به في لجّة الظلام لا طمعا في أن تنتشله يدٌ أمينة و لا أن يستوعبه قلب منفطر يمارس جنحة ( الحب)...
بل فقط لأنّك تتطّلع شوقاً إلى أن تزيد ذاك العباب همّا على همـ(وم)....و تصبح الحصيلة (أحزان+1)!
فكم أنت ساديّ يا هذا...ّ
لا تفرح كثيرا....أو الأنجى لك ألّا تفرح بتاتاً..
فكثيرون هم أمثالك يملؤون طوابير الموت...
ينتظرون ـ هم الآخرون ـ فرصتهم في أن يستلذوا بذاك الشيء المسمّى (1)....
لا يعلمون ـ المغفّلين ـ أن هذا الشيء لايمنحهم سوى فرصة في الاضمحلال سريعا و الرّحيل سريعا و طيّ ذكراهم كذلك سريعا...
فأسهــل شيء يمارس ها هنا هو (سريعا ) هاته ...بعد الـموتِ طبعاً.
حتّى في الحزن و الألم....تمّـت طابور و انتظار و دور....و البقاء للأقوى...!
فالازدحام يلف حواشي حياتنا و لا يدع متسّعا و لا فجوة لتسللّ بعض من (نور)…أو حتّى فرصة في استنشاق هواء غير ذاك الذي ملأ رئتيك مذ أوّل يوم رأيت فيه شمسا و غربالا ـ بجانبها ـ يحاول أن يحجب أشعتّها…و يحجبك أنت ايضا…!
حتّى ضوء القمر خفت و تشتث بعد أن عبث بعضهم في خيوط الفجر ظنّا منهم أنّ الحياة ليست بذاك الشيء الذي يستحّق (الاستحمال)…
هم لا يعلمون أنّ الحياة هي من توّد لو تلفظهم بعيداً …فهي من غدت لا تطيقهم … لا هــم...!
لكنّها هكذا الأمور تؤخذ...(ها هنا)
دائما بالأضداد....و العكس دوما صحيح بالرّغم من أيّ شيء غير ممكن الحدوث…!
حتّى قلوبنا و ما تختلجها من أحاسيس(أشياء) أصبحنا نرغم انفسنا على اخذها عكسا خوفا على بعض من كبرياء قد نخدشها إن نحن أزلنا عن أوجهنا تلك الأقنعة العفنة التي لم نعد نقو على خطو خطوة دونــها...فكــم هو مخزٍ أن تعيش هامشاً ، زائدا …حيّا/ميّتاً..!
و بالرّغم من كلّ الظلام الحالكِ الذي يطوّقك و يأبى فراقك
إلّا أنّك جعلت من نفسك سراجا…يهتدي به المارّون من الطريق المقابلة…!
ليصلوا مثلك و سريعا نحو الهــاوية